في مارس/آذار 1915، كتب السياسي البريطاني هيربرت صاموئيل (Herbert Samuel)، وهو يهودي بريطاني متعاطف مع الحركة الصهيونية، مذكرة سرّية بعنوان "مستقبل فلسطين" (The Future of Palestine) ورفعها إلى الحكومة البريطانية.
جاءت المذكرة في ذروة الحرب العالمية الأولى، حين كانت بريطانيا تدرس مستقبل الولايات العثمانية في المشرق بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية.
مضمون المذكرة
في هذه الوثيقة، دعا صاموئيل إلى أن تكون فلسطين تحت إدارة بريطانية مباشرة، لا فرنسية ولا دولية، واعتبر أن هذه الخطوة ضرورية لتمهيد الطريق أمام إقامة وطن قومي لليهود تحت الرعاية البريطانية.
قال صاموئيل صراحة:
"من الممكن أن تصبح فلسطين مركزًا روحيًا للحضارة اليهودية، تحت حماية بريطانيا العظمى، وأن تؤسس فيها كومنولث يهودي قادر على النمو التدريجي."
واقترح أن تبدأ العملية عبر تشجيع الهجرة اليهودية، وشراء الأراضي، وإنشاء مؤسسات إدارية واقتصادية يهودية، إلى أن يصبح لليهود وجود فعلي مؤهل للحكم الذاتي.
الأثر السياسي
تُعدّ هذه المذكرة الأساس الفكري والسياسي لوعد بلفور (02 / 11 / 1917)، إذ كانت المرة الأولى التي تُطرح فيها رسميًا فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين داخل الحكومة البريطانية.
وبالفعل، أُعجب اللورد لويد جورج وآرثر بلفور بالأفكار التي طرحها صاموئيل، وأصبحت لاحقًا جزءًا من السياسة الرسمية البريطانية بعد الحرب.
ولم يكن غريبًا أن يُعيَّن هيربرت صاموئيل نفسه لاحقًا أول مندوب سامٍ لبريطانيا على فلسطين (1920–1925)،
ليُشرف بنفسه على تنفيذ ما دعا إليه في مذكرته:
فتح الهجرة، دعم المؤسسات الصهيونية، وتقييد النشاط الوطني الفلسطيني.
شاركنا برأيك